وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
مضمون السؤال: في ديارهم طريقة مروجة عند عامة المسلمين ‑وبعض من الخواص‑.
ينعقد مجلس لذكر ميلاد النبي ‑صلى الله عليه وسلم‑ في كل سنة، فالأَوّل: يَقرأ القارئ آياتٍ من القرآن الكريم بحالة القعود، وبعدها بعض العلماء يُقرر في مولد النبي ‑صلى الله عليه وسلم‑ حتى يَجري التقرير إلى الاختتام ويقول: قوموا لوقت التعظيم أحمد.
(وللقيام عقيدتهم أن النبي ‑صلى الله عليه وسلم‑ ليس مِن مثل البشر، بل هو نور من الله الذاتي، وهو حاضر وناظر في كل مكان، وأن يحضره بذاته في كل مجلس ميلاده، وهو يسمع كلامهم)، يقومون ويقولون معا:
يا نبي سلام عليك ... يا نبي سلام عليك
يا رسول سلام عليك ... يا حبيب سلام عليك
صلوات الله عليك
هل الطريقة المروجة المكتوبة: كانت مروجة في قرون الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أم لا؟
وذكر النبي ‑صلى الله عليه وسلم‑ بهذه الألفاظ واحترام الرسول عليه السلام عند ذكر ولادته:أمر حسن أم قبيح؟ سنة أم بدعة سيئة؟ وصواب أم شرك؟
بينوا ذلك بآثار الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
فأجابت:
أولا: إقامة مولد لرسول الله ‑صلى الله عليه وسلم‑: بدعة، مخالِفة لهديه ‑صلى الله عليه وسلم‑ وهدي خلفائه الراشدين، وصحابتِه ‑رضي الله عنهم‑ أجمعين.
وقد ثبت عن رسول الله ‑صلى الله عليه وسلم‑ أنه قال: «مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
ولسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز فتوى مُفَصَّلة في «حكم الاحتفال بمولد الرسول ‑صلى الله عليه وسلم‑».
ثانيا:«اعتقاد أن الرسول ‑صلى الله عليه وسلم‑ ليس كمثل البشر، بل هو نور من نور الله الذاتي»: ليس هذا الاعتقاد صحيحا.
لأنه مخالف للقرآن؛ فقد بيَّن اللَّهُ بشريَّته، وما يمتاز به على البشر: بقوله تعالى:﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
والبشرُمخلوقون؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾، وقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ...﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًاوَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾.
أمااللَّهُ جل وعَلا: فهو الأول الذي لا مَبدأ لأَوليَّتِه؛ بيَّن ذلك بقوله جل وعلا: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
وسَمّى اللَّهُ نبيَّه نُورًا وسراجًا منيرا؛ لِمَا بعثه اللَّهُ به مِن الهدى والنور الذي هدى اللَّه به مَن أجاب دعوتَه ‑عليه الصلاة والسلام‑؛ كما قال تعالى:﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾.
ثالثا: «القول بأنه حاضر وناظر في كل مكان، وأنه يحضر بذاته في كل مجلس ميلاده، وهو يسمع كلامهم»: قول باطل.
رابعا: أما نداؤه والاستغاثة به وطلب المدَدِ والنَّصرِ منه: فهذا نوع مِن أنواع الشرك الأكبر؛ الذي لا يجوز فعله معه ‑صلى الله عليه وسلم‑ولا مع غيره من المخلوقات.
لقول الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾، وقولِه ‑عز وجل‑:﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.