فوضى إعلانات الطرق تتحدى القانون وتثير الجدل بين مؤيد ومعارض في لبنان

أحد الإعلانات في شوارع بيروت

بيروت - جنى نصرالله تتمدد امرأة مثيرة على الطريق العام وترمق المارة بنظرات إغواء، يرتاح رجل في الجهة المقابلة في كرسيه الفاخر ويرتشف قهوته الصباحية وابتسامة الرضى تملأ وجهه المشرق، وبين هذه المرأة وهذا الرجل يفصل صحن من المعكرونة الإيطالية الشهية المغمسة بصلصة البندورة والحبق.

على بعد أمتار قليلة، يقطع عليك أحد المصارف استغراقك في التفكير لإيجاد الرابط بين المرأة والرجل وصحن المعكرونة، ليقدم لك عرضاً مغرياً لتملك شقة أحلامك بفوائد مخفصة، وتكاد ترفض العرض وتطرد الفكرة من رأسك تماماً، لأن امتلاك شقة يعني شراء أثاث وسجاد وأدوات كهربائية وخلافه، وهو ما لا قدرة لك عليه، ولكن لكل مشكلة حلها: عروضات على أجمل تشكيلة من السجاد، حسومات على الأداوات الكهربائية، تسهيلات في الدفع وتقسيط مريح على غرف النوم والطعام والصالونات... إلخ.

ترمي كل هذه الإغراءات خلف ظهرك وتتجاهل قصة المرأة والرجل وصحن المعكرونة وتحاول التفكير في أمور أخرى، ولكن كيف لك أن تفعل ذلك حين تشعر أن ثمة من يرصد كل أفكارك ولا يرغب في أن يتركك لسبيل حالك. حسناً، فلنهمل البيت والقروض المصرفية والأثاث، ولنستبدلها برحلة سياحية ممتعة إلى أي مكان تختاره في هذا العالم!

حرب اللافتات الإعلانية

هذا ليس مشهداً من فيلم بوليسي ولا هي هلوسات شخص أصابه "داء" الملل.

إنها بكل بساطة اللافتات الإعلانية التي تجتاح الطرق العامة والفرعية وتعتلي أعمدة الكهرباء ولا توفر مساحة ملساء إلا وتحجز مكاناً لها فيها. ولما كانت حرباً إعلانية بكل ما في الكلمة من معنى، فإن كل الأسلحة فيها متاحة. لذا، لا مبالغة في القول إن اللافتات الإعلانية تطارد المستهلكين في عقر دارهم، فتحتل أسطح أبنيتهم وجدرانها وحتى نوافذها.

فوضى اللافتات الإعلانية ليست أزمة حديثة في لبنان، علماً أنه صدر عام 1996مرسوم تنظيمي لقطاع اللوحات الإعلانية على الطرقات، كرَّس شرعية وجودها متضمناً فقرات واضحة عن المواقع المسموح وضعها، كما حدد حجم الإعلانات والمسافات التي تفصل بينها، وهي تفاصيل تهدف للحفاظ على جمالية البلد مع مراعاة تنظيم سوق الإعلانات الذي لا يقل حجمه عن 450 مليون دولار تشكل الملصقات 16% منه. إلا أن شيئاً منها لم ينفذ باستثناء بعض البلديات، مثل بيروت وجونيه، علماً أن المرسوم تم توقيعه من عدد كبير من الوزارات وهي: العدل والداخلية والبيئة والأشغال العامة.

لكن الجديد اليوم هو الإعلانات المتلفزة التي ثبتت على الطرق العامة لتبهر سائقي السيارات كما المارة بأضوائها المشعة ليلاً.

فالإعلان الذي كنت تشاهده على شاشة التلفاز في بيتك أصبح اليوم في متناول نظرك وأنت تتنقل في الشوارع والطرق العامة. فوداعاً للافتات الصامتة، التي بدأت تحل مكانها تلك المتحركة أو المتلفزة بشكل تدريجي.

جاء هذا التطور في عالم اللافتات الإعلانية ليزيد من حدة النقاس الدائر في شأنها بين مؤيد لها ومعارض.

وإذا كان المؤيدون هم التجار الذين يحتاجون إلى مساحات كبيرة للترويج لبضائعهم وإلى ابتكارات دائمة لجذب الزبون، فضلاً عن البلديات المخولة إعطاء الرخص لمختلف أنواع اللوحات مما يدر أموالاً كبيرة على صناديقها، فإن المعارضين كثر ويتنوعون بين مختلف فئات المجتمع وجمعياته الأهلية.

ولعل أبرز المعارضين هم أنصار البيئة الذين يعتبرون أن اللافتات الإعلانية تسبب ضرراً بيئياً، وتؤذي النظر العام، وتشوه شكل المدينة. ويتساءل هؤلاء ماذا لو استبدلت هذه اللافتات بالأشجار والأزهار التي تزيين الطرق بدلاً من الإعلانات التي تجعلها قبيحة؟

أما الفئة الأخرى المعارضة فتتمثل بالجمعيات التي تعنى بالحد من حوادث السير. إذ تعتبر هذه الجمعيات أن اللافتات الإعلانية هي أحد اسباب حدوث حوادث السير وخصوصا أنها تشتت تركيز السائقين. ولا بد أن يصبح الأمر أكثر تعقيداً وخطورة مع الإعلانات المتلفزة التي لا شك ستؤثر بأضوائها على السائقين.

أما المواطنون فمنقسمون بآرائهم: منهم من يرحب بهذه اللافتات، خصوصاً أنها تسليهم حيناً في زحمة السير التي لا تنتهي، كما تطلعهم على آخر أخبار السوق وعروضه من دون جهد يذكر.

ومنهم من يعتبر أن أضرارها أكثر من فوائدها، ويضم صوته إلى صوت الجمعيات التي تطالب بقوانين أكثر تشدداً في تنظيم عملها.

من يطبق القانون؟

والمفارقة، أن مرسوم تنظيم اللوحات الإعلانية يتضمن قائمة بالشروط الفنية لو جرى تنفيذها لربما انتفت الحاجة إلى قوانين أكثر تشدداً. وأهم هذه الشروط التي على المعلن التقيد بها هي:

- الصيانة الدورية وإصلاح الأعطال والتلف الناتج عن الحوادث المرورية والعوامل الطبيعية، ورفع المخلفات الناتجة عن ذلك والتأكد من سلامة التركيبات الكهربائية.

- عدم إعاقة لوحات الإعلانات لحركة المرور أو حجب الرؤية في الطرق العامة وأرصفة المشاة.

- ألا تكون المواد التي تدخل في صناعة اللوحات الإعلانية من مواد قابلة للاحتراق، وأن تكون اللوحات المثبتة على الأسطح مرتفعة عن السطح بما لا يقل عن 1.20م.

- إختيار الموقع المناسب للوحات الإعلانية، بحيث تكون بعيدة عن أماكن الخطر كقربها من المواد القابلة للاشتعال أو مناطق التخزين، وألا تُشكّل نقاط جذب للأطفال، وألا تؤثر على درجة انتباه السائقين.

- ألا تكون اللوحات الإعلانية مصدر إزعاج صوتي أو ضوئي.

- ألا تؤثر اللوحات الإعلانية على البصر من جراء تركيبات الألوان وتناسقها.

- مراعاة تركيب اللوحات وإبرازها بشكل فني يضمن تناسقها مع غيرها من اللوحات الأخرى، كما يجب ألا تؤثر اللوحة على الواجهة الحضارية للمبنى أو الشارع.

يبقى السؤال، كيف سمح لهذه الفوضى الإعلانية في استباحة الطرق العامة بشكل مخالف للشروط أعلاه، والأهم كيف دخلت الإعلانات المتلفزة إلى الميدان، علماً أنها تشكل مصدر إزعاج ضوئي، وهو ما يمنعه القانون بشكل واضح وصريح؟

زائر

يسلمو اخي صقر فعلا كتير من الافتات الضوئيه والمتحركه تعيق السائقين
وحتى في اضواء تعكس عا نظرك وعا مرأة السيارات وفي منا كمان عا
جهتين يكتبون الاعلانات
يسلمو اخي صقر خبر مهم وانا مع المؤدين تحياااتي

تانكس عالمرور

نور

ودي

» يا لبنان
» شمس لبنان اهلا بك
» ?مملـــــــــــــــــــــــــكة لبنان العرب الرومانســــــــــــــــية?
» ابن لبنان مشرف
» مبروك يا لبنان